Breaking

Post Top Ad

Your Ad Spot

الجمعة، 30 مارس 2018

سفينة الصحراء.. تربية الإبل عادة عربية خليجية تأبى الزوال




تعد علاقة سكان شبة الجزيرة العربية بالإبل علاقة تاريخية، فرضتها ظروف البيئة الصحراوية التي كانت الإبل، أو سفينة الصحراء، قديماً، أفضل وسائل النقل فيها، كما أنها كانت في أيام العرب الأوائل مصدراً للرزق، ومظهراً من مظاهر الغنى، حتى إنها كانت مَهراً للعروس، ودية عن القتيل، وجائزة للفائزين.
ويرتبط سكان شبه الجزيرة العربية بالنوق والجمال في أدبياتهم وموروثهم التاريخي؛ حيث كان الشعراء يفردون القصائد لوصف نوقهم، ويشبهون الجميلات من النساء بالإبل، ومن هذا قول الشاعر طرفة بن العبد عن ناقته:
وإني لأمضي الهم عند احتضاره *** بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
ولعل أشهر ذكر للنوق في شعر العرب القدامى، ما قاله المُنخَّل اليشكري:
وأُحبُّهَا وتُحبُّنِي *** ويُحبُّ ناقَتَها بَعِيرِي
ولا يضن تاريخ العرب بأدلة على مكانة الإبل عندهم قديماً، ولا يبخل الواقع الذي نعيشه بتقديم دلائل على احتفاظ العرب -وخاصة سكان شبه الجزيرة- بحبهم للإبل، وحرصهم على امتلاكها، وهو حب لم تنجح ثورة النفط، ولا سيارات الدفع الرباعي، في زحزحته من قلوب كثيرين، ربما لأنه أمر يتعلق بهوية الصحراء وميراثها، وإن كان امتلاكها الآن ليس على نحو ما كان في أزمنة مضت.
ولا يعرف أصل واضح للجمال العربية، لكن قيل إنها كانت مستأنسة في الصومال، أو في شبه الجزيرة العربية منذ نحو 4000 سنة، والجمل العربي هو ثاني أكبر عضو في عائلة الجمال بعد الجمل الجرثومي، وهو يقترب في لونه من البني الداكن، وله سنام ملحوظ يصل إلى 20 سم علواً.
ويعتمد النظام الغذائي للجمال على أوراق الشجر، والنباتات الصحراوية، مثل النباتات الشائكة، إذ تسمح أفواهها لها بتناول الطعام الصعب للغاية، وتنشط هذه الإبل نهاراً، وترتاح معاً في مجموعات، ويتألف كل قطيع من نحو 20 جملاً.
3
وكان للجمال دور بارز في الحياة الاقتصادية العربية، بيد أن تغير الموارد الاقتصادية لبعض الدول العربية غيّر من هذه المعادلة، فانخفضت أعداد الإبل بشكل ملحوظ في هذه الدول.
ويقول مربو الإبل إن تربيتها باتت مكلفة؛ بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، مع أن الدول قدمت دعماً يعتمد على أعداد الإبل التي يملكها المربون.
وقد أصبحت تربية الإبل محصورة في حظائر خاصة؛ حتى يساعد ذلك على السيطرة على الأمراض التي تصيب الإبل، حسبما نقل موقع "الجزيرة نت" عن بعض مربي الإبل.
وبحسب هؤلاء المربين فإن الرعي خارج الحظائر "قد يكون جائراً، ويمكن أن يؤثر على الطبيعة"، وهو ما حدا ببعضهم إلى المطالبة بتنظيم هذا الأمر، وتحديده، بحيث لا يؤثر في المراعي ويدمرها.
بعض المربين يؤكدون أن التوقف عن تربيتها "من المستحيلات"؛ لأنها تجري منهم مجرى الدم، كما يقولون.
ويتفاوت سعر الجمال بحسب استخدامها؛ فمنها ما يستخدم في "المزاين" أو سباقات الهجن، ويمكن أن يبلغ سعرها أربعة أو خمسة ملايين ريال سعودي (الدولار يساوي أكثر من 3.75 ريالات).
في العاصمة القطرية الدوحة، تراجع معدل بيع الإبل خلال العام 2015 عنه في 2014، ويقول الباعة إن الإبل العمانية والسودانية هي الأكثر شهرة في ميادين السباق، وتراوح أسعار الأولى بين 20 و25 ألف ريال قطري (الدولار يساوي 3.65 ريالات)، أما السودانية فتراوح بين 25 و30 ألف ريال.
وقال مدير إدارة الثروة الحيوانية في قطر، فرهود الهاجري، في أحاديث صحفية، إن الطفرات الاقتصادية التي مرت بها بعض الدول العربية أسهمت في إضعاف قطاع الثروة الحيوانية؛ لأن البعض فضل ممارسة الوظيفة الحكومية والحياة في المدن.
وقدّر الهاجري أعداد الإبل في قطر وحدها بـ77 ألف رأس، مؤكداً أن الحكومة تقدم المساعدات العلاجية، والأعلاف المدعومة بأسعار رمزية للمربين، وأن الوزارة لديها مشروع لترقيم الإبل بالشرائح الإلكترونية المزروعة تحت الجلد، الأمر الذي سيساعد في تطور القطاع.
وتشير إحصاءات إلى أن عدد رؤوس الإبل في المملكة العربية السعودية يقترب من 12 مليون رأس، ويقترب عددها في اليمن من 11 مليوناً، في حين لا تتجاوز ألف رأس في دول مثل البحرين ولبنان.
ويبلع إنتاج اللحوم في المناطق العربية من الإبل 15,5% من مجموع الوحدات الحيوانية، هذا إضافة لإنتاج الحليب، والوبر، والجلود، التي تشكل كلها مورداً مهماً للاقتصاد العربي.
ويتطلب تكاثر الإبل وتلقيحها خبرة ودراية كبيرة؛ وذلك من أجل الحفاظ على السلالات الجيدة، وهو ما دفع العديد من ملاك الجمال لقطع مسافات بعيدة بحثاً عن ذكر الجمل "الفحل"، أو "البعير" لتلقيح أنثى جمالهم.
وتصل مدة حمل الناقة إلى 12 شهراً، ويعتمد ذلك على عملية تلقيحها، وبعد أن تضع "الناقة" مولودها الذي يطلق عليه "حوار" تتم عملية حلبها إن كانت من الأنواع التي تتميز بوفرة الحليب، وإن كانت غير ذلك فإن الحليب يترك لابنها الذي يتم تعليمه على الرضاعة في الأيام الأولى.
4
أشهر الأنواع
من أكثر أنواع الجمال شهرة "ظبيان"، و"صوغان"، و"مصيحان"، وقد أسهم التهجين في خلق سلالات أصيلة أخرى، ولكل من هذه الأنواع ميزات تنفرد بها عن النوع الآخر.
وما يميز السلالات الأصيلة من غيرها كميات الحليب، وسهولة ركوبها، وسرعتها، وقوة تحملها في السباقات، ويمكن التعرف على أنواعها الأصلية من خلال شهادة مالكها الأصلي، أو من خلال تتبع أثرها.
سباق الهجن
وتستطيع الإبل أن تقطع من المسافات ما يراوح بين 20 إلى 30 ميلاً يومياً، وتتميز إبل السباق عن غيرها من الإبل بصفات تعطيها أفضلية في السرعة، ومن هذه الصفات: رشاقة القوام، وطول القامة، ونحافة الجسم، وطول الأرجل، وخاصة الأرجل الخلفية، إضافة إلى خفة وزن وصغر الخف مقارنة بحجم الجسم، كما تمتاز بطول الرقبة وصغر الأنف.
1
وهناك أنواع من هجن السباق منها (الهجن العمانية)، والنوع الثاني (الهجن السودانية)، أما النوع الثالث فهو (هجن الجزيرة العربية) وتتميز بقوة جسدها، وقدرتها على التحمل، والهجن مهما كان نوعها فلا قيمة لها إذا لم تتم العناية بها وتدريبها، فالهجن الجيدة بحاجة إلى عناية ومضمّر جيد.
وتنظم سباقات الهجن في دول الخليج بشكل دائم، وتقدم فيها جوائز كبرى بهدف تشجيع ملاك الإبل على الحفاظ على هذا التراث، ولا تهتم هذه السباقات بسرعة الجمال وسلالتها فقط، وإنما تهتم بجمالها والعناية بها.
ويسعى المربون إلى تعليم أبنائهم هذه المهنة لتبقى متوارثة عبر الأجيال، وتحفظ من الاندثار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

الصفحات